الجن بين الخرافة والواقع- قراءة عقلانية في معتقداتنا
المؤلف: ريهام زامكه08.22.2025

أيها القارئ العزيز؛ أرجو منك أن تطفئ أنوار مصابيح تفكيرك المتقدة، وأن تسمح لخيالك الجامح بالتحليق عالياً في سماء الاحتمالات، لأن ما سأبوح به هنا قد يثير استغرابك الشديد، بل قد يبدو ضرباً من الخيال المحض، لذا تفضل بتسليم زمام عقلك لي للحظات!
تخيل نفسك جالساً بمفردك في مكان هادئ وادع، تحتسي قهوتك الساخنة بتمهل، وتتأمل في مسيرة حياتك بتفكر عميق، ثم فجأة يظهر أمامك شخص غريب الأطوار يجلس بجوارك مباشرة، ثم يبدأ معك حديثاً ودياً لطيفاً، ويكشف لك عن هويته قائلاً بكل بساطة: لا تندهش ولا تجزع، أنا جنّي مسالم!
من الأمور العجيبة والغريبة، بل ربما من الكوارث الفكرية العظيمة، أن كثيراً من الناس في مجتمعاتنا المعاصرة ما زالوا يؤمنون إيماناً قاطعاً بخرافات عالم الجن وأساطيره القديمة وكأنها حقائق علمية ثابتة لا تقبل الشك، على الرغم من أن البشرية جمعاء قد وصلت إلى سطح المريخ، واكتشفت الفضاء الشاسع، إلا أن بعض العقول للأسف الشديد بقيت عالقة ومتمسكة بنظرية «تلبس الجن» في تفسير كل أمور الحياة وتعقيداتها المختلفة!
فنجد الشخص بكل سهولة إذا ما حالفه التوفيق والنجاح في الحصول على وظيفة مرموقة، يصرخ قائلاً إن هناك من يحسده ويتربص به لقطع رزقه، وإذا فشل في زواجه المنشود أو لم يحالفه الحظ في مسيرة حياته وظروفها المختلفة، قال بلسان الواثق: «أنا ملبوس بالجن»، وصدقوني تماماً مسألة التلبّس هذه تحتاج إلى مقال مفصل ومنفرد بذاته.
وفي بعض المجالس والمنتديات الاجتماعية؛ تسمع أحدهم يسرد قصة مرعبة ومفزعة عن جنّي شاهده بأم عينه فوق سطح منزله، ويصدقه بعض الحضور بكل سذاجة وتصديق أعمى، وأنا في حقيقة الأمر لا أدري هل هذا الذي رأوه جنّي بالفعل أم أنه مجرد مدير موارد بشرية غاضب ومستاء من تصرفاتهم؟!
والمضحك المبكي في الأمر أن بعضهم يوصيك بشدة وتأكيد بعدم النوم إطلاقاً قبل غروب الشمس، لأن الجن كما يزعمون يحبون هذا الوقت بالذات، والبعض الآخر يؤكد عليك بشدة بعدم تناول تمرات بعدد زوجي، لأن العدد الفردي، كما يدّعون، يطرد الجن ويبعدهم عنك!
وغير ذلك الكثير والكثير من الخرافات الساذجة والبسيطة التي يؤمن بها بعض البشر للأسف الشديد، ويتناقلونها جيلاً بعد جيل دون تفكير أو تدبر.
وإذا افترضنا على سبيل الجدل والتخيل أن الجن أصبح يتعامل معنا بشكل مباشر وعلني، وقد يظهر لنا بصورة إنسّي عادي، فعن نفسي بكل سرور سوف أرحّب به أجمل ترحيب، وأبادر بطلب فنجان قهوة ساخن له، وأقول له بكل ود ومحبة: يا هلا ويا مسهلا بصديقي الجديد الذي سيكون لديه الحلول الجذرية لجميع مشاكل حياتي وهمومي المتراكمة.
ولن أقبل بصداقة أي جني والسلام، فلا بُد حتماً أن يكون هذا الجني (جني واصل) وذو نفوذ كبير، وأن تكون أياديه (طايله) في كل مكان، حتى يسهل عليّ تيسير الأمور المعقدة، ويفتح لي الأبواب المغلقة التي دائماً ما تجعلني أقول بلسان الشاكر: وفقت و«هذا من فضل ربي».
وأيضاً هذا كله لا يمنع أبداً عندما (نمون) على بعضنا البعض ونصبح أصدقاء مقربين أن أسأله بفضول:
هل لديكم يا معشر الجن جني متخصص ومشهور في مجال تكوين الثروات وجمع الأموال؟ وهل فعلاً الجنيات في عالمكم جالسات في البيوت مُعززات، مُكرمات، مُدللات، ليس لديهن أي شُغلة ولا مشغلة تشغل أوقاتهن؟!
وسوف أسأله أيضاً بكثير من اللهفة كيف تعرفون أخبارنا وتفاصيل حياتنا؟ وهل فيكم أحد الجنّ العاشق الذي يتلبّس بنو البشر ويعبث بمشاعرهم وأحاسيسهم الداخلية؟ وهل لديكم في عالمكم واتساب وانستغرام؟ وهل فعلاً تتلصصون علينا خلسة أثناء نومنا العميق؟ وتسرقون «الريموتات» الخاصة بأجهزة التلفاز ثم ترجعونها إلى مكانها بعد ذلك مباشرة، لأننا بصراحة أصبحنا نلومكم ونعلق عليكم كل بلاوينا ومصائبنا التي تحدث لنا في حياتنا اليومية.
ولا تلوموني أنتم أيها القراء الأعزاء؛ فمن يصدق تصديقاً جازماً أن «جني» قد يعشق إنسية ويتزوج بها و(يتقهوى) معها بكل رومانسية بعد غروب الشمس، لابد عليه أن يُجدّد اشتراكه فوراً في أبراج العقل والمنطق ليكتسب المزيد من التفكير السليم والمنطقي.
السبب الحقيقي الذي دعاني إلى دخول عالم الجن الخفي وكتابة هذا المقال المثير للجدل هو رسالة «واتساب» وصلتني من رقم مجهول وغريب بعنوان:
«هل تعلم يا عزيزي القارئ أن الجن يخاف خوفاً شديداً من الرقم 7 ؟».
وهل تعلمون أيضاً أنني صاحبتكم بالفعل أكره بشدة الرقم 7 وأحرص دائماً على تغطية (رجلي) باللحاف السميك اتقاءً لشره -وأنتم بكرامة- حتى لا يسحبها الجني الماكر.
صدقوني تماماً أيها الأحبة هناك شعرة رفيعة جداً تكاد لا تُرى تفصل بين المرض النفسي والمس الشيطاني، وبين الكسل والإهمال والتلبس، وبين أخطائنا الشخصية وعيوبنا الذاتية، ومعتقداتنا الخُرافية البالية.
فمن لديه مشاكل حقيقية في حياته فعليه أن يواجهها بشجاعة وصبر، ومن يشعر بأنه ضائع وتائه في هذه الحياة الفانية لا يحتاج إطلاقاً إلى مشعوذ دجال، بل يحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى مراجعة نفسية عميقة يُصحح بها أوضاعه النفسية والحياتية المضطربة ويبتعد نهائياً عن تعليق أخطائه وهفواته على (شماعة الجان) المسكين.
وختاماً أيها القراء الكرام، اقرأوا هذا المقال ثلاث مرات متتالية بتدبر وتفكر عميق، ثم أرسلوه إلى 13 شخصاً من معارفكم وأصدقائكم، وإذا لم يصلكم أي خبر سعيد ومفرح بعد ذلك، فأعلم يا عزيزي القارئ أن الجني التابع لك بكل أسف (مضروب) ولا فائدة منه إطلاقاً!
تخيل نفسك جالساً بمفردك في مكان هادئ وادع، تحتسي قهوتك الساخنة بتمهل، وتتأمل في مسيرة حياتك بتفكر عميق، ثم فجأة يظهر أمامك شخص غريب الأطوار يجلس بجوارك مباشرة، ثم يبدأ معك حديثاً ودياً لطيفاً، ويكشف لك عن هويته قائلاً بكل بساطة: لا تندهش ولا تجزع، أنا جنّي مسالم!
من الأمور العجيبة والغريبة، بل ربما من الكوارث الفكرية العظيمة، أن كثيراً من الناس في مجتمعاتنا المعاصرة ما زالوا يؤمنون إيماناً قاطعاً بخرافات عالم الجن وأساطيره القديمة وكأنها حقائق علمية ثابتة لا تقبل الشك، على الرغم من أن البشرية جمعاء قد وصلت إلى سطح المريخ، واكتشفت الفضاء الشاسع، إلا أن بعض العقول للأسف الشديد بقيت عالقة ومتمسكة بنظرية «تلبس الجن» في تفسير كل أمور الحياة وتعقيداتها المختلفة!
فنجد الشخص بكل سهولة إذا ما حالفه التوفيق والنجاح في الحصول على وظيفة مرموقة، يصرخ قائلاً إن هناك من يحسده ويتربص به لقطع رزقه، وإذا فشل في زواجه المنشود أو لم يحالفه الحظ في مسيرة حياته وظروفها المختلفة، قال بلسان الواثق: «أنا ملبوس بالجن»، وصدقوني تماماً مسألة التلبّس هذه تحتاج إلى مقال مفصل ومنفرد بذاته.
وفي بعض المجالس والمنتديات الاجتماعية؛ تسمع أحدهم يسرد قصة مرعبة ومفزعة عن جنّي شاهده بأم عينه فوق سطح منزله، ويصدقه بعض الحضور بكل سذاجة وتصديق أعمى، وأنا في حقيقة الأمر لا أدري هل هذا الذي رأوه جنّي بالفعل أم أنه مجرد مدير موارد بشرية غاضب ومستاء من تصرفاتهم؟!
والمضحك المبكي في الأمر أن بعضهم يوصيك بشدة وتأكيد بعدم النوم إطلاقاً قبل غروب الشمس، لأن الجن كما يزعمون يحبون هذا الوقت بالذات، والبعض الآخر يؤكد عليك بشدة بعدم تناول تمرات بعدد زوجي، لأن العدد الفردي، كما يدّعون، يطرد الجن ويبعدهم عنك!
وغير ذلك الكثير والكثير من الخرافات الساذجة والبسيطة التي يؤمن بها بعض البشر للأسف الشديد، ويتناقلونها جيلاً بعد جيل دون تفكير أو تدبر.
وإذا افترضنا على سبيل الجدل والتخيل أن الجن أصبح يتعامل معنا بشكل مباشر وعلني، وقد يظهر لنا بصورة إنسّي عادي، فعن نفسي بكل سرور سوف أرحّب به أجمل ترحيب، وأبادر بطلب فنجان قهوة ساخن له، وأقول له بكل ود ومحبة: يا هلا ويا مسهلا بصديقي الجديد الذي سيكون لديه الحلول الجذرية لجميع مشاكل حياتي وهمومي المتراكمة.
ولن أقبل بصداقة أي جني والسلام، فلا بُد حتماً أن يكون هذا الجني (جني واصل) وذو نفوذ كبير، وأن تكون أياديه (طايله) في كل مكان، حتى يسهل عليّ تيسير الأمور المعقدة، ويفتح لي الأبواب المغلقة التي دائماً ما تجعلني أقول بلسان الشاكر: وفقت و«هذا من فضل ربي».
وأيضاً هذا كله لا يمنع أبداً عندما (نمون) على بعضنا البعض ونصبح أصدقاء مقربين أن أسأله بفضول:
هل لديكم يا معشر الجن جني متخصص ومشهور في مجال تكوين الثروات وجمع الأموال؟ وهل فعلاً الجنيات في عالمكم جالسات في البيوت مُعززات، مُكرمات، مُدللات، ليس لديهن أي شُغلة ولا مشغلة تشغل أوقاتهن؟!
وسوف أسأله أيضاً بكثير من اللهفة كيف تعرفون أخبارنا وتفاصيل حياتنا؟ وهل فيكم أحد الجنّ العاشق الذي يتلبّس بنو البشر ويعبث بمشاعرهم وأحاسيسهم الداخلية؟ وهل لديكم في عالمكم واتساب وانستغرام؟ وهل فعلاً تتلصصون علينا خلسة أثناء نومنا العميق؟ وتسرقون «الريموتات» الخاصة بأجهزة التلفاز ثم ترجعونها إلى مكانها بعد ذلك مباشرة، لأننا بصراحة أصبحنا نلومكم ونعلق عليكم كل بلاوينا ومصائبنا التي تحدث لنا في حياتنا اليومية.
ولا تلوموني أنتم أيها القراء الأعزاء؛ فمن يصدق تصديقاً جازماً أن «جني» قد يعشق إنسية ويتزوج بها و(يتقهوى) معها بكل رومانسية بعد غروب الشمس، لابد عليه أن يُجدّد اشتراكه فوراً في أبراج العقل والمنطق ليكتسب المزيد من التفكير السليم والمنطقي.
السبب الحقيقي الذي دعاني إلى دخول عالم الجن الخفي وكتابة هذا المقال المثير للجدل هو رسالة «واتساب» وصلتني من رقم مجهول وغريب بعنوان:
«هل تعلم يا عزيزي القارئ أن الجن يخاف خوفاً شديداً من الرقم 7 ؟».
وهل تعلمون أيضاً أنني صاحبتكم بالفعل أكره بشدة الرقم 7 وأحرص دائماً على تغطية (رجلي) باللحاف السميك اتقاءً لشره -وأنتم بكرامة- حتى لا يسحبها الجني الماكر.
صدقوني تماماً أيها الأحبة هناك شعرة رفيعة جداً تكاد لا تُرى تفصل بين المرض النفسي والمس الشيطاني، وبين الكسل والإهمال والتلبس، وبين أخطائنا الشخصية وعيوبنا الذاتية، ومعتقداتنا الخُرافية البالية.
فمن لديه مشاكل حقيقية في حياته فعليه أن يواجهها بشجاعة وصبر، ومن يشعر بأنه ضائع وتائه في هذه الحياة الفانية لا يحتاج إطلاقاً إلى مشعوذ دجال، بل يحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى مراجعة نفسية عميقة يُصحح بها أوضاعه النفسية والحياتية المضطربة ويبتعد نهائياً عن تعليق أخطائه وهفواته على (شماعة الجان) المسكين.
وختاماً أيها القراء الكرام، اقرأوا هذا المقال ثلاث مرات متتالية بتدبر وتفكر عميق، ثم أرسلوه إلى 13 شخصاً من معارفكم وأصدقائكم، وإذا لم يصلكم أي خبر سعيد ومفرح بعد ذلك، فأعلم يا عزيزي القارئ أن الجني التابع لك بكل أسف (مضروب) ولا فائدة منه إطلاقاً!